نبذة من تاريخ الطب البيطري في العالم
الطب البيطري مهنة ضاربة في القدم ، وهي أيضاً مهنة متطورة ومتجددة بشكل مستمر وبتغير الظروف وأحتياجات المجتمع . وقد ورد في قوانين حمورابي عام 2100 ق.م ذكر الطب البيطري . فقد تضمنت تلك القوانين أجر الطبيب البيطري عند تقديمه العلاج لكل نوع من الحيوانات ، ومسؤولياته في المحافظة على حياة الحيوان وما يطبق بحقه من عقوبات إذا أساء شروط مهنته بالممارسات الخاطئة . كما ذكر الطب البيطري في البرديات الطبية لقدماء المصريين مثل بردية كاهون التي وصفت الأنشطة البيطرية في وادي النيل سنة 1900 ق . م . وتطرقت الكتابات الهندية القديمة أيضاً لهذه المهنة ، حيث كتب ساليهوثرا في الهند عن أمراض الخيول وسبل علاجها .
وقد كتب أبوقراط سنة 350 ق.م ، كثيراً عن الطب البيطري وسبل تطويرهما . وتم تشييد أول مستشفى بيطري في التاريخ سنة 250 ق.م ، في الهند في عهد الملك آسوكا . ويقال إن الفيلسوف بيدبا كان طبيباً بيطرياً . وقد عرف العرب الطبيب البيطري منذ قديم الزمان وكانوا يطلقون البيطار التي أشتق منها اللفظ الإنجليزي Veterinary على الشخص الذي يقوم بعمل حدوات الخيول .
أما التعاليم البيطرية بمفهومه الحديث فقد نشأ في النصف الثاني من القرن الثامن عشر في أوربا . في ذلك الوقت – ومنذ قرون قبله – كانت الأوبئة وفي مقدمتها الطاعون البقري والسل البقري ، تفتك بالمواشي وتنتشر أحياناً لتشمل أوربا كلها مسببة المعانات الشديدة والمجاعات . فبين عامي 1710 و 1741 م ، على سبيل المثال ، ماتت نصف الأبقار في الطاعون البقري . وقد أستمر المرض لمدة أربعين عاماً تالية في الظهور بشكل متكرر .
وفي أعقاب أحد الأوبئة الكاسحة للطاعون في البقر بفرنسا ، أجتمع ساستها ومزارعوها وأصدروا قراراً بانشاء أول كلية للطب البيطري في مدينة ليون بفرنسا لمكافحة الطاعون البقري ، وقد تأسست تلك الكلية في عام 1760 م ، وتبعها كلية أخرى في آلفورت عام 1765م . وبالفعل تمكن العلماء البيطريون في هاتين الكليتين من معرفة كيفية أنتشار الطاعون البقري . وأسهم خريجو الكليتين إسهاماً كبيراً في تطوير العلوم الطبية البيطرية وخاصة الطب الوقائي ومكافحة الأمراض المعدية . وقد نجحو في القضاء على الطاعون البقري ليس في فرنسا فقط وإنما في أرجاء أوربا . وظلت أوربا خالية من ذلك المرض منذ مطلع القرن الماضي الى يومنا هذا .
مما سبق اتضح ان تاريخ الطبيب البيطري الحافل بالأنجازات الخالدة على مر القرون وأهمية دوره في الحفاظ على الثروة الحيوانية والأمن الغذائي بالبلد ، فألف مبروك للأطباء البيطريين في العراق والعالم أجمع .