قصة (اماني المتفائلين) اهديها لجميع طلبة الدراسات العليا للذين تم قبولهم لهذا العام
في فترة من الماضي حين كنت طالبة جامعية كتبتُ قصة قصيرة حملت عنوان «أماني اليائسين» وها أنا اليوم وقد استوقفني شريط الذكريات أستحضر تلك القصة وأتأملها بعين جديدة ثم خطر في ذهني أن أكتب نقيضها قصة بعنوان «أماني المتفائلين».
في لحظة صمتٍ تأملية مع ذاتي تساءلت ما الذي يمكن أن تكونه أماني المتفائلين وما الذي يرجونه حقاً طال التفكير بي وشيئاً فشيئاً أخذ يتبلور لدي يقينٌ بأن المتفائلين في حقيقتهم لا يعيشون على الأماني بالمعنى السلبي بل يحيون النية وهنا بدا لي الفرق جلياً بين الأماني والنيات.
فالأمنية كما تأملتها ليست سوى حلم ورغبة كامنة في الخيال يختزنها القلب في صمت دون أن يحرّك ساكناً في الداخل هي حالة شعورية أشبه بأنغام حالمة لكنها عاجزة عن تحريك الطاقة الكامنة لتحقيق ما تصبو إليه أما النية فهي الوعي بالهدف والتوكّل عليه وتحريك الطاقات الداخلية كلها نحو تحقيقه وحين تنعقد النية الصادقة تبدأ الإشارات العصبية في الدماغ بإطلاق جميع الاحتمالات الممكنة لتحقيق الهدف فيُعبِّئ الوعي واللاوعي جهودهما لبلوغ الهدف.
في ضوء هذا الفهم تأملت عظمة الدين الإسلامي إذ أشار القرآن الكريم إلى الأمنية بمعناها السلبي المقترن بالعجز وصعوبة التحقيق كما في قوله تعالى «يا ليتني كنت تراباً» و«يا ليتني لم أوتَ كتابيه» و«يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً» و«يا ليتني اتخذتُ مع الرسول سبيلاً» كلها صيغ تعبر عن حسرة والعجز وتمنٍ لم يتحقق أما النية فقد قرنها الإسلام بالعمل كما جاء في الحديث الشريف «إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى» فالنية هنا هي الدافع الحقيقي للعمل سواءً نحو الخير أو الشر وهي التي تتجسد في الواقع لأنها مقرونة بالأفعال.
وهكذا هم المتفائلون حقاً يحيطون نواياهم بالكتمان ويصوغون أعمالهم على ضوء نوايا صادقة فيدفعون أنفسهم نحو الإنجاز بروح مليئة بالأمل والعمل إنهم لا يكتفون بأمنيات عابرة بل يعقدون نواياهم ويجعلونها نبراساً يضيء دروبهم فيمضون بخطى ثابتة نحو أهدافهم فاتخذوا من سبقكم في طريق المجد قدوة لكم مصباح ينير دروبكم ورسولنا الأعظم هو خير قدوة ولكم في رسول الله أسوة حسنة وآل بيته الأطهار.
ا.م.د اساور اسعد محمد .